بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين جدي النبي الأمي الأمين وآله الأطهار والسابقين الأنصار في الأولين وفي الآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين ))
أحبتي في الله إنه يوجد كتاب يُسمى ( الكتاب المبين ) خلقه الله من بعد العرش العظيم بل هو أول شيئ خلقه الله والقلم من بعد عرشه العظيم أمر القلم أن يكتب فنطق القلم وقال وما أكتب قال أكتب شيئا" ليس كمثله شيئ ولا قبله شيئ الله النعيم الأعظم ثم كتب الذي ما هو دون ذات الله سُبحانه سدرة المُنتهى العرش العظيم ثم كتب ماهو دون سدرة المُنتهى وهي جنة المأوى عرضها كعرض السماوات والأرض ثم الذي يليه ثم الذي يليه ثم كتب ما كان وما سيكون من الأحداث الصُغرى والكُبرى إلى يوم الدين تصديقاً لقول الله تعالى))
((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)صدق الله العظيم
ثم استنسخ فيه علم غيب أعمال عبيده أجمعين تصديقا" لقول الله تعالى))
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ(12)} )صدق الله العظيم
وذلك لأن أصحاب النار جميعاً سوف يرفع كُل واحد منهم قضية على ما كتبه عليه الملك عتيد فينكرون جميعاً ما عملوه من السوء ويبدؤون في الإنكار من بعد موتهم مُباشرة ويوم القيامة وقال الله تعالى))
((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )صدق الله العظيم
والإنكار منهم حدث مُباشرة من بعد موتهم حين توفاهم الملك عتيد ومساعده الملك رقيب فأنكروا جميع أعمال السوء التي كتبها عليهم الملك عتيد وقالوا)((((مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ))) ومن ثم ردوا عليهم الملك عتيد والشاهد على براءته من الإفك الملك رقيب ردوا على المُنكرين لأعمال السوء التي كتبها الملك عتيد وقالوا ))((بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ))) بمعنى أنهم ردوا الحُكم إلى علام الغيوب الذي علم المُستقدمين من عباده وعلم المستأخرين وعلم بما سوف يعملون في علم الغيب من قبل أن يخلقهم تصديقاً لقول الله تعالى))
(وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) )))
حتى إذا جاؤوا ربهم يوم الدين وهم السائق وخصمه والشاهد فأما السائق فهو الملك عتيد يسوق خصمه الإنسان إلى الله ليحكمُ بينهم هل ظلم عتيد الإنسان في شيئ وكتب عليه مالم يفعل وأما الشاهد فهو الملك رقيب كونه كان حاضراً حين فعل الإنسان السوء غير أنه ليس مُكلف بكتابة أعمال السوء ولذلك أصبح دوره شاهد بالحق ولكن الإنسان من الذين ظلموا أنفسهم ينكر ما كتبه عليه الملك عتيد من السوء وكذلك يطعن في شهادة الشاهد الملك رقيب ومن ثم يخرج الله الكتاب المُبين كتاب علم الغيب الذي يخصه سُبحانه وتعالى علواً كبيراً وقال الله تعالى))
(((هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )صدق الله العظيم
وبما أن العبيد أصحاب أعمال السوء يعلمون أن الملك عتيد وشاهده رقيب لم يظلموهم شيئ حتى إذا وضع الله كتابه تنزل من ذات العرش لكي تتم المُطابقة بين مافيه من علم الغيب للأعمال وبين مافي كتاب الملك عتيد وبما أن أصحاب أعمال السوء يعلمون أن الحفظة لم يظلموهم شيئاً ولذلك فهم مُشفقين في أنفسهم مما فيه و قال الله تعالى))
((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )صدق الله العظيم
وإنما قالوا المُجرمين ذلك في أنفسهم ولم تنطق به ألسنتهم بل قالوا في أنفسهم )
(((يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ))))
ولكنهم لم يجدوا غير الإستمرار في الإنكار أنهم لم يعملوا شيئاً من السوء فيحلفون بالله لله ظنا" منهم أن الذي كتب ذلك الكتاب المُبين إنما هو ملك آخر كمثل الملك عتيد فلم يعلموا أن الذي كتب الكتاب المُبين أنه الله علام الغيوب الذي علم بما سوف يفعلون من السوء من قبل أن يفعلوه وبما أنهم لا يعلمون أن الكتاب المبين يختص بالله طعنوا في صحته وحلفوا لله بالله وقال الله تعالى))
((يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ {18)صدق الله العظيم
ومن ثم يزداد غضب الله عليهم فيختم على أفواههم لتتكلم أيديهم وأرجلهم وجلودهم بما كانوا يعلمون وقال الله تعالى ))
(({الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)صدق الله العظيم
ومن بعد أن تشهدُ عليهم أطرافهم فهُنا يئسوا أنهم يستطيعوا الإستمرار في الإنكار ثم يطلق الله أفواههم لكي يُخاطبوا أيديهم وأرجلهم وجلودهم وقال الله تعالى))
(({وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}صدق الله العظيم
ومن ثم خاطبهم الله تعالى وقال علام الغيوب))
(({وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ}صدق الله العظيم
ومن ثم يصدر الأمر من الله الواحدُ القهار إلى الملكين الموكلين بالإنسان من البداية إلى النهاية وهم رقيب وعتيد ثم يقول الله للملك عتيد والملك رقيب ))
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ 26 مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ 27 الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ 28
ولكن الشيطان لا يزال في جسد ذلك الإنسان فهما روحان في جسد واحد فهم في العذاب مُشتركون ففزع الشيطان قرين الإنسان حين سمع الرحمن أصدر الأمر إلى الملكين عتيد ورقيب )
((أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ 26 مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ 27 الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ 28 ))))
ومن ثم نطق الشيطان قرين ذلك الإنسان مُحاولا" تبرئة نفسه وقال الله تعالى ))
( قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ( 29 )قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ( 3 )مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (31 )يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (32 )وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ( 33 )هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ( 34 )مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (35) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (36) لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ( 37) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ( 38 )إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ))صدق الله العظيم
ومن ثم يقول الإنسان لقرينه الشيطان الذي أضله عن الصراط المستقيم في الحياة الدُنيا ))
((قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ(38)))))))
وذلك لأنه مس في جسده متلازمان فهم في العذاب مُشتركون
ولا نقصد مسوس المرضى الذين يمرضهم الشياطين الذين ابتلاهم الله من المؤمنين فلا نقصد هذا النوع من المس بل يقصد الله مس الإيقاض بسبب الغفلة ولا نقصد به مسوس المرضى على الإطلاق من المؤمنين الذين تؤذيهم مُسوس الشياطين بل نقصد مس إيقاض وهو الشيطان الذي يقيضه الله للإنسان الذي يعرض عن ذكره فيعيش في غفلة عن ذكر ربه وقال الله تعالى))
{(( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ(36)وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ(37)حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ(38) }صدق الله العظيم
ولذلك قال الإنسان لقرينه الشيطان )
((((((((((قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ(38)))))))
وقال الله تعالى(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ))صدق الله العظيم
اللهم قد بينت اللهم فاشهد
وسلامُ على المُرسلين والحمدُ لله رب العالمين)
مُعلم البيان الحق للقرآن بالقرآن الإمام المهدي ناصر محمد اليماني